خلال اجتماع غرفة التجارة الأمريكية| وباء “كورونا” أبرز أهمية تطبيق التحول الرقمى في جميع مجالات الحياة
ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة اليوم، تحت عنوان “مصر عام 2021 وما بعدها”، وذلك خلال اللقاء الذي نظمته غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، بحضور أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، وعمر مهنا، رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، ونائبي رئيس مجلس إدارة الغرفة داليا وهبة، وخالد أبو بكر، وأعضاء مجلس إدارة الغرفة بالقاهرة، وعبر تقنية “الفيديو كونفرانس”، بمشاركة ميرون بريلينت، نائب الرئيس التنفيذي ورئيس قسم الشؤون الدولية بالغرفة، وسيلفيا مينسا الرئيس التنفيذي للغرفة بالقاهرة، وبعض الرؤساء السابقين للغرفة، وعدد من أعضائها.
استهل رئيس الوزراء حديثه بالترحيب بالمشاركين، وأعضاء غرفة التجارة الأمريكية في مصر وتقديم الشكر على تنظيم هذا الحدث، كما أشاد بالشراكة التاريخية والمتميزة مع الغرفة، وبالدور الأساسي لأعضاء مجلس إدارتها وشركائها في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.وتطرق الدكتور مصطفي مدبولي إلى الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم حالياً نتيجة جائحة كورونا، والتي تسببت في خلق أزمة صحية واقتصادية لم يشهدها العالم منذ أكثر من سبعة عقود، موضحاً أن الجائحة أصابت مصر في شهر مارس 2020، وأثرت سلباً على المؤشرات الاقتصادية التي كانت تشهد تحسناً ملموساً في معدلات النمو وتراجع معدلات التضخم، نتيجة التطبيق الناجح لبرنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن معدل النمو الاقتصادي بلغ نحو 6% قبل تفشي وباء كورونا، موضحاً أنه على الرغم من التراجع النسبي في العديد من المؤشرات الاقتصادية عقب تفشي الوباء الذي شهدته أيضاً الدول الأخرى، فإن جهود الإصلاح الاقتصادي الأخيرة وتنويع مجالات الاقتصاد المصري ساعدت في تحقيق المرونة والقدرة اللازمة لامتصاص الصدمات الخارجية، لذا أصبح الاقتصاد المصري الوحيد في المنطقة ومن بين اقتصادات قليلة في العالم الذي حقق معدلات نمو إيجابية في ظل الأزمة.
في هذا السياق، استعرض الدكتور مصطفي مدبولي الإجراءات التي وضعتها الدولة للتعامل مع جائحة كورونا، مشيراً إلي أن الحكومة وضعت صحة المواطنين أولاً، واتبعت نهجاً استباقياً مبكراً للتعامل مع الجائحة بمختلف جوانبها، موضحاً أن التحدي الحقيقي كان يكمن في تحقيق توازن بين الحفاظ على الصحة العامة مع الحفاظ على الوضع الاقتصادي وتجنب الإغلاق الكامل، مشيراً إلي أن هدف الحكومة هو الحد من انتشار العدوى وتسطيح منحني الإصابات.
وأضاف أن الحكومة اتخذت قراراً سابقاً بتنفيذ إغلاق جزئي مرهون بالمستجدات، وتطبيق الارتداء الالزامي للكمامات، وتشجيع العمل والتعليم عن بعد، وتطبيق بروتوكولات العلاج المناسبة، فضلاً عن التعاون مع جميع أصحاب المصلحة والمواطنين ومجتمع الأعمال والمنظمات غير الحكومية، والتي أسفرت عن إطلاق موقع إلكتروني رسمي للتوعية “care.gov.eg”، وإطلاق تطبيق للهواتف المحمولة “Egypt’s Health” لتوفير جميع المعلومات المتعلقة بالفيروس للمواطنين بطريقة سهلة وفي الوقت المناسب، فضلاً عن إصدار تقرير شامل عن الإجراءات المتخذة لمواجهة الوباء، وتم موافاة غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة بنسخة منه في نوفمبر 2020.
وأشار رئيس الوزراء إلي أنه لوقف انتشار الفيروس خلال الموجة الأولي وللحد من التبعات الاقتصادية والاجتماعية له، قامت الحكومة بتسريع وتيرة تطبيق الإجراءات الوقائية علي مستويات مختلفة ووفقاً لعدد الحالات المصابة، والتي تضمنت، من بين أمور أخرى، تخصيص 100 مليار جنيه (حوالي 6.3 مليار دولار أمريكي) لتمويل خطة الدولة للتخفيف من تداعيات الفيروس واحتواء انتشاره، وتبني النظام المصرفي سياسة مرنة؛ حيث قام البنك المركزي المصري بضخ 50 مليار جنيه لمبادرة التمويل العقاري لذوي الدخل المتوسط، وضخ 20 مليار جنيه لدعم وتحفيز البورصة المصرية.
كما خفض سعر عائد الإيداع لليلة واحدة بمقدار 300 نقطة أساس إلى 9.25٪ ؛ فضلاً عن تأجيل جميع المستحقات الائتمانية لجميع العملاء سواء الشركات أو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأفراد (قروض التجزئة وقروض الرهن العقاري للإسكان الشخصي) لمدة 6 أشهر، وإلغاء الرسوم والعمولات المطبقة على السحب النقدي من أجهزة الصراف الآلي والمحافظ الإلكترونية لمدة 6 أشهر بدأت في مارس 2020.وأضاف رئيس الوزراء، أن الإجراءات تضمنت أيضاً وضع منظومة متكاملة لاختبار الحالات وتعقبها خلال أسابيع قليلة، وبذل جهود مضنية لرفع كفاءة مستشفيات العزل وتجهيزها، وتعزيز قدراتها وضمان استدامتها، وتحسين مواردها لخدمة المواطنين المصابين والفئات الأكثر عرضة للخطر، مؤكداً أن الحكومة تواصل حالياً جهودها لضمان استمرارية ومتانة هذه المنظومة.
في ذات السياق، أشار رئيس الوزراء إلي التطور المستمر الذى يشهده نظام الرعاية الصحية في مصر خلال السنوات الأربع الماضية، وذلك منذ إطلاق الحملة الرئاسية “100 مليون صحة” للعلاج والكشف المبكر عن فيروس التهاب الكبد الوبائي سي والأمراض غير السارية، مؤكداً أن مصر تمكنت في إطار هذه الحملة من فحص أكثر من 50 مليون مواطن مجانًا في غضون أشهر قليلة، وتقديم العلاج للمصابين مجانًا في أكبر حملة علي الإطلاق عالمياً لمكافحة فيروس سي، فضلاً عن إطلاق مشروع “نظام التأمين الصحي الشامل الجديد”، مشيراً إلي أن تلك الجهود لاسيما الخاصة بتحسين نظام الرعاية الصحية وإقامة بنية تحتية حديثة للقطاع الطبي ساهمت بشكل كبير في احتواء انتشار فيروس كورونا.وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة أيضا في هذا السياق تضمنت تأمين احتياطيات كافية وآمنة من السلع الغذائية الاستراتيجية مثل القمح والأرز والزيت لعدة أشهر، وكذا تأمين كافة الاحتياجات من الإمدادات الطبية، فضلا عن تخصيص دعم مالي طارئ لقطاعي السياحة والطيران المدني، باعتبارهما الأكثر تضرراً من تداعيات الجائحة، وسمحت الحكومة للفنادق بالعمل –لاحقاً- بالعمل مع مراعاة أن تكون معدلات الإشغال 50٪ من طاقتها التشغيلية، شريطة الحصول على شهادة “السلامة الصحية”، وذلك حرصاً من الحكومة على تخفيف التداعيات الاقتصادية للأزمة.
وفيما يتعلق بمجتمع الأعمال، ذكر رئيس الوزراء أن الحكومة قامت بتخفيض أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي لقطاع الصناعة، وتخصيص 10 مليارات جنيه إضافية لدفع مستحقات المقاولين والموردين، وتم تخصيص 3 مليارات جنيه إضافية لسداد مستحقات برنامج دعم الصادرات، حيث تم دفع مبلغ إجمالي قدره 30 مليار جنيه، ومنح المستثمرين الأجانب إعفاء من دفع ضريبة أرباح رأس المال وتعليق سدادها للمساهمين المقيمين حتى عام 2022.
وأضاف الدكتور مدبولي، أن الحكومة قدمت دعماً مالياً مباشراً للمواطنين، لاسيما لذوي الدخل المحدود والعاملين غير المنتظمين من خلال توفير منحة استثنائية بمبلغ إجمالي 1500 جنيه مقسمة على ثلاثة أقساط، وتوزيعها على أكثر من 1.6 مليون عامل من خلال 4000 مكتب بريد بمختلف أنحاء الجمهورية. هذا فضلاً عن التوسع في برنامج “تكافل وكرامة” من خلال إضافة 142 ألف أسرة جديدة من الفئات الأكثر احتياجا، فيما بلغ إجمالي الخدمات والإعانات المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي والجمعيات والمؤسسات الأهلية نحو 20 مليون خدمة بتكلفة إجمالية قدرها 1.7 مليار جنيه.وأكد رئيس الوزراء أن الحالات المصابة بالفيروس تحت السيطرة ويتم التعامل الفوري مع المستجدات، مشيراً إلي أن تطوير عدة لقاحات يعد بداية جيدة لإنهاء كابوس كوفيد – 19، وأن مصر تعاقدت ضمن تحالف “كوفاكس” على جرعات اللقاح.
واستلمت شحنات من لقاحات كورونا بل وبدأت بالفعل في عملية التطعيم.وأشار الدكتور مدبولي، إلى أن وباء الكورونا أبرز أهمية تطبيق التحول الرقمي في جميع مجالات الحياة، مستشهداً بما قامت به غالبية المؤسسات العامة والخاصة من تطبيق حلول رقمية، فضلاً عن جهود الحكومة في الحفاظ على استمرار منظومة التعليم من خلال تشغيل الدراسة عن بعد.
وتناول رئيس الوزراء أيضاً بالشرح، خطط الحكومة للتعايش مع الفيروس، من خلال البدء في التحرك نحو إعادة الفتح التدريجي للأنشطة الاقتصادية في يونيو 2020 لتخفيف القيود المرتبطة بالوباء، بما في ذلك رفع حظر التحرك الليلي، وإعادة فتح المطاعم، ودور العبادة، واستئناف الرحلات الجوية الدولية المنتظمة.وأشار رئيس الوزراء إلي أن تلك الإجراءات ساعدت في الحفاظ علي صلابة الاقتصاد المصري في مواجهة التأثير السلبي للوباء، مقارنةً بالدول الأخرى في المنطقة والعالم، الذى استطاع أن يحقق معدل نمو قدره 3.6٪، مؤكداً أنه علي الرغم من الظروف الاستثنائية والصعبة التي شهدها عام 2020، إلا أن الحكومة تركز حالياً علي استعادة مستويات ما قبل الوباء وتنفيذ خطط التنمية وفقاً للأولويات، وعلي قيام مصر بالعمل بشكل جدى على إعداد وتنفيذ مشاريع البنية التحتية المستدامة بما في ذلك تطوير الموانئ والسكك الحديدية وشبكات الطرق، وتوصيل مرافق المياه والصرف الصحي إلى المناطق المحرومة، وإنشاء مدن حديثة جديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين، وإنشاء مناطق اقتصادية ولوجستية جديدة.
وقال رئيس الوزراء خلال لقائه أعضاء غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة: نجحت الإجراءات الحكومية في خفض معدل البطالة إلى 7.2% خلال الربع الأخير من العام 2020، وذلك مقارنة بالمعدلات السابقة على تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلي للاقتصاد المصري، والتي بلغت 12.7%، كما أظهرت المؤشرات تراجع معدل البطالة عند مقارنته بالمعدلات المحققة خلال الربع الثاني من العام ذاته، والتي سجلت 9.6%، في وقت ذروة ارتفاع أعداد المصابين بفيروس “كورونا”، مضيفاً أن هذا يأتي فى الوقت الذى شهدت معدلات الفقر في مصر تراجعا ملحوظا خلال العام المالي 2019 – 2020 للمرة الأولى منذ 20 عاماً، حيث انخفضت إلى حوالي 29.7% مقارنة بـ 32.5 % خلال العام المالي 217 – 2018.وعلى صعيد السياسة النقدية، تجدر الإشارة هنا إلى أن الحكومة استطاعت أن تهبط بمعدلات التضخم إلى مستوى قياسي، على الرغم من تداعيات جائحة “كورونا”؛ وذلك بفضل قدرتها على توفير فائض من المعروض من السلع الغذائية، مما حال دون ارتفاع أسعارها، حيث سجل معدل التضخم 5.7% خلال العام المالي 2019-2020، وكان ذلك أكبر تراجع سنوي في معدلات التضخم على مستوى الأسواق الناشئة خلال العام المالي الماضي.