نص كلمة السيسي خلال المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء اليوناني باثينا
أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن سعادته خلال زيارته بدولة اليونان، والتي تشمل عدد جلسات ومباحثات موسعة بين الرئيس ورئيس وزراء اليونان في اثينا اليوم بحضور وفدي البلدين.
وإليكم نص كلمة السيسي خلال المؤتمر الصحفي باليونان:
السيدات والسادة الحضور،
أتوجه بجزيل الشكر لصديقي العزيز رئيس الوزراء على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، كما أتقدم بالأصالة عن نفسي وبالإنابة عن الحكومة والشعب المصري بصادق التعازي لذوي الضحايا من المواطنين اليونانيين المتضررين جراء الزلزال الذي وقع مؤخراً بجزر بحر إيجة، خاصة جزيرة “ساموس” اليونانية، وأن أؤكد تضامن مصر الكامل ودعمها لليونان لتجاوز التداعيات الناجمة عنه.
السيدات والسادة،
نعلم جميعاً حجم الروابط المميزة بين شعبينا وبلدينا الصديقين التي تمتد عبر عصور من التاريخ المشترك والتفاعل الثقافي والمجتمعي الفريد، وهي الروابط التي أسست لعلاقة استراتيجية بين بلدينا، ونجحت إرادتنا السياسية وعزمنا المشترك فى تطويرها بصورة غير مسبوقة خلال السنوات القليلة الماضية، سواء فى الأطر الثنائية، أو من خلال آلية التعاون الثلاثي التي تجمع البلدين مع جمهورية قبرص، فضلاً عن التشاور السياسي المتواصل والمنتظم حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
لقد كان لقائي اليوم مع دولة رئيس الوزراء بمثابة فرصة مهمة لتبادل الرؤى حول سبل إحداث نقلة نوعية في علاقات التعاون الثنائي على مختلف الأصعدة، خاصة الدفع قدماً بكافة أوجه التعاون الاقتصادي، لاسيما فيما يتعلق بتيسير وتشجيع تدفق الاستثمارات اليونانية، وتنمية معدلات التبادل التجاري، وتكثيف التعاون في قطاعي السياحة والطاقة، مع أهمية توظيف الزخم الناتج عن القمة الثامنة لآلية التعاون الثلاثي التي عقدت في أكتوبر 2020 لاتخاذ خطوات تنفيذية فى المشروعات المتفق عليها.
, تناولت مشاوراتنا اليوم التطورات في منطقة شرق المتوسط بالنظر لما تشهده في الآونة الأخيرة من تصعيد على خلفية الاستفزازات والممارسات الأحادية المخالفة لقواعد القانون الدولي وانتهاج سياسات أيديولوجية تدعم جماعات الإرهاب والتطرف، حيث توافقنا على مواصلة التضامن فيما بيننا إلى جانب كافة البُلدان الصديقة من أجل التصدي لكل ما من شأنه تهديد الاستقرار والأمن الإقليمي، وبما يحول دون السماح لأي طرف بفرض مواقفه العدائية، وعلى نحو يحافظ على متطلبات أمننا القومي من ناحية، ويسمح بالاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة من ناحية أخرى.
وانطلاقاً من هذه الرؤية، أكدنا أن إبرام مصر واليونان لاتفاقية تعيين المناطق الاقتصادية الخالصة، استنادا إلى قواعد القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، يمثل تطورا هاماً يفتح المجال للاستفادة من الثروات العديدة بالبحر المتوسط، جنباً إلى جنب مع تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط الهادف إلى تعظيم مصالح شعوب دول المنتدى اتصالاً بمخزون الغاز الطبيعي والثروات الهيدروكربونية فى شرق المتوسط، مع احتفاظ كل دولة بحقوقها السيادية فى التنقيب عن تلك الثروات في مناطقها الاقتصادية الخالصة وفقاً لقواعد القانون الدولي، وكذلك الترحيب بالتعاون مع شركائنا الدوليين في هذا الإطار.
وفي سياق متصل، جددنا دعمنا لمبدأ الحل الشامل والعادل للقضية القبرصية استنادا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما تطرقنا لتأثير الوضع الليبي على كامل الجوار الإقليمي، مشددين على أن شمولية الحل السياسي في ليبيا يظل هو السبيل الأوحد لتحقيق الاستقرار لهذا البلد الشقيق، وما يستلزمه ذلك من معالجة حقيقية لجذور الأزمة عبر الالتزام الكامل بمقررات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخلاصات مسار برلين وإعلان القاهرة، وبالأخص فيما يتعلق بالحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات المسلحة وإعادة توحيد مؤسسات الدولة، وضرورة التصدي الحاسم للتدخلات الخارجية التي تزعزع الاستقرار بها عبر نقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب والسلاح إلى الميليشيات المتطرفة.
وقد اتفقنا على الحاجة الماسة لمضاعفة الجهد الدولي لمجابهة خطر الإرهاب، بما فى ذلك التصدي للدول الداعمة له، وانتهاج سياسات ومواقف حاسمة لمحاسبة أنظمة الدول التي تنتهك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة عبر دعم تلك الجماعات بالتمويل والتدريب والتسليح، وتوفر لهم الملاذ الآمن والمنابر الإعلامية للتحريض على الإرهاب.
وأكدنا في هذا الصدد أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا يجوز ربطها بأي دين أو حضارة أو منطقة جغرافية، وشددنا على أهمية إعلاء قيم الاعتدال وثقافة التسامح في ظل ضرورة احترام المعتقدات، والرفض الكامل لتوجيه أية إساءات أو إهانات بحق الرموز الدينية المقدسة أو تأجيج المشاعر عبر بث الكراهية وإشاعة روح العداء والتعصب.
وفي ختام كلمتي؛ اسمحوا لي – دولة رئيس الوزراء – توجيه التحية لما تبدونه من اهتمام حقيقي بالعمل على تطوير كافة جوانب التعاون والتنسيق بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اليونانية الصديقة؛ متمنياً لكم خالص النجاح المتواصل في قيادة بلدكم وشعبكم الصديق نحو دوام الاستقرار ومزيد من الازدهار والرخاء.